والخبث ما يدرك.
وقيل بأنّ ما يحتاج في رفعه إلى النية هو الأوّل، وما لا يحتاج إليها هو الثاني.
وإن أشكل عليهما في «المسالك» وقال: بأنّهما غير تام، لأنّه يمكن أن يجاب على الأوّل بإمكان درك حالة الحدث أيضاً في الجنابة والحيض، حيث تشمئز النفس بعد عروض الحالة وتحس بنقاهة خاصة، فهو ربما أولىََ بالدرك من الثاني.
ويمكن النقض للثاني أيضاً، بمثل بعض الطهارات التي لا تكون مع النيّة رافعة أيضاً كالتيمّم مثلاً، حيث لا يرفع الحدث مع اعتبار النيّة فيه لكنّه مبيح للصلاة، وهكذا في وضوء الجنب والحائض.
اللّهم إلّاأن يجاب: بأنّه رافع أيضاً بالنسبة إلىََ منعه عن الدخول فيالصلاة مثلاً، أو حصول المترتّبة الكاملة للنوم مع الجنابة والحيض بالوضوء، فيرفع تلك الحضاضة.
ولكنّه لا يخلو عن تكلف.
والأولى أن يقال في جهة الفرق بينهما: أنّ الحدث حالة نفسانية تحصل - كغيرها من الأمور الباطنية - بواسطة وجود أحد أسبابه الظاهرية من البول والمني والدم، فهو من باب تسمية المسبب باسم السبب الذي يناسب معناه اللغوي أيضاً، من جهة كونه متحققاً بعد ما لم يكن قد حدث أي حدث وتحقّق تلك الحالة أو البول بعد ما لم تكونا.
هذا بخلاف الخبث، فانه من الاُمور الظاهرية التي يتنفر الطبع عنه كنفس البول والمني وغيرهما من النجاسات، حيث تكون طهارتها تارةً بزوالها ظاهراً، واُخرىََ بأزيد من ذلك، كتكرّر الغَسل اللازم في البول أو التعفير، أو التكرار اللازم في الولوغ حيث يزيلها واقعاً، وهذا هو الفرق بينهما، واللََّه العالم بحقائق الاُمور.
بقي هنا شيء، وهو أنّه إذا ثبت طاهرية الماء المطلق ومطهريته، فهل تكون مطهريته مخصوصاً بالأحداث والأخباث خاصة، أو يكون له العمومية والشمول حيث لمثل المايعات المضافة المتنجسة كماء الورد المتنجس، وماء العنب والرمان إذا تنجسا، بحيث تحصل طهارتها للاتصال بالماء