قلّة الماء الخارج من ذوبان الثلوج المذابة بحيث لا يساعد عليه العرف في إطلاق الجاري عليه، هذا بخلاف ما يكون في بعض الأنهار الجارية التي تستمد ماءها من ذوبان الثلوج المتراكمة على الجبال الرواسي لا من تحت الأرض، فإخراج مثل هذه الأنهار عن عنوان الجاري عرفاً ولغة مشكل جداً.
فعلىََ هذا، يظهر فساد توهم النقض بالماء المجتمع في الأواني إذا صب ماؤها في الأرض وجرىََ، كما عن الشيخ وغيره، لوضوح أنّه لا يطلق علىََ مثل هذا الجاري عنوان ذي المادّة الجاري، ولا النابع الجاري عرفاً كما لا يخفىََ.
فكل ما لا يكون كذلك، إمّا ملحقٌ بالمحقون حكماً أوالبئر كذلك، وإن لم يكن منهما موضوعاً.
فإذا ثبت هذا، ظهر أنّ الماء الراكد - الغدران والحياض والثمد واليعون التي لها مادّة، ولم تجر على الأرض، والماء الجاري من الرشيح الذي يقال له النزيز كما في «الجواهر» - ان لم يطلق عليه الجاري، يكون من حيث الحكم ملحقاً بالماء المحقون، فينجس بالملاقاة إذا كان أقلّ من الكر ولم يكن له دفع، أو بماء البئر من جهة التردد في تنجسه وعدم كما سيظهر ان شاء اللََّه تعالىََ، إن لم نقل في القسمين الأخيرين كونهما ملحقين بالجاري حكماً، وإن لم يكونا منه موضوعاً.
كما يمكن الاستظهار لذلك من الخبر الوارد في ماء الحمام، وهو حديث عبدالرحمن بن أبي نجران، عن داود بن سرحان قال:
(قلت لأبي عبداللََّه عليه السلام ما تقول في ماء الحمام؟
قال: هو بمنزلة الماء الجاري)[1].
وأظهر منه من حيث الدلالة، في كون وجود المادّة مستلزماً لذلك الحكم هو خبر بكر بن حبيب، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
ماء الحمام لا بأس إذا كانت له مادّة[2].
بل قد يستفاد من كلام صاحب «الجواهر» أنّهما ملحقان بالجاري، وهو الأقوىََ إن صدق الاتصال بالمادّة
[1] الوسائل: الباب 7 من أبواب الماء المطلق الحديث 1. P
[2] الوسائل: الباب 7 من أبواب الماء المطلق الحديث 4.P